
علماء كثيرين ساعدت أبتكاراتهم عموم الناس في الحياة اليومية وعلماء آخرين لم يسمع عن ابتكاراتهم الشخص العادي لأنها ساعدت المتخصصين من الفيزيائيين أو الأطباء في تفسير ظواهر طالما حيرتهم أو تفسيرها ساعدهم على آداء عملهم بشكل أفضل. واحد من هولاء العلماء هو الطبيب الانجليزي آلان لويد هودجكين.
ولد هودجكين في مدينة بانبوري بمقاطعة أوكسفوردشاير الانجليزية يوم 5 فبراير عام 1914، والده توفي في بغداد وهو طفل في الرابعة. كان جده وعمه من المؤرخين وكان آلان محتار بين دراسة التاريخ ودراسة العلوم لأن عائلته أيضا كانت عائلة بارزة ومعروفة في مجال الطب في بريطانيا. أحد أسلافه هو توماس هودجكين (1798-1866) ، الذي قام بتشخيص واحد من الأمراض التي سميت باسمه.
كان الشاب شديد الاهتمام بالتاريخ الطبيعي ولذا قرر أن يدرس الكيمياء والأحياء وأثناء دراسته، نصحه أستاذ علم الحيوان بالتركيز على الرياضيات والفيزياء. كانت نصيحة رائعة رغم كونها متعبة، لأنها جعلته مشغول في البحث منذ ذلك الوقت. وهو طالب جامعي، بدأ يقوم بتجارب على أعصاب الضفادع شبيهه بتجارب الهواة واستمر في اجراء تلك التجارب لسنوات. أثناء سنوات دراسة الزمالة في كلية "ترينيتي" تعرف هودجكين على علماء موهوبين كانوا له بمثابة "ملهمين" بالإضافة إلى أنه تعلم منهم الكثير.
قضى هودجكين عاما في معهد روكافلرعاد بعدها لكيمبريدج. خلال الشهور الأولى للحرب العالمية الثانية عمل في طب الطيران واستمر حتى انتهاء الحرب أي خمس سنوات يعمل في انحاء مختلفة من انجلترا على الرادار الجوي. كان تطوير نظم المسح والعرض لنظام الكشف ال10 سم للمقاتلات الليلية هو المشروع الذي أولاه أهتمامه.
أثناء تعليمه في كامبريدج تعرف هودجكين على أندرو هكسلي. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل الاثنان كباحثان حكوميان في مجال تطوير الرادار.
بعد ذلك استأنف هودجكين تحقيقه في النظرية الأيونية حول كيفية إرسال الخلايا العصبية للرسائل عبر "كبل كهربائي" في الحبل الشوكي. ومن خلال سلسلة معقدة من التجارب على الألياف العصبية للحبار والضفادع ، أظهر هو وزملاؤه كيف استجاب الدماغ البشري لرسائل الأعصاب.
من خلال عملهم على الألياف العصبية العملاقة للحبار، استطاع هودجكين وهكسلي أن يبتكرا نموذج رياضي يصف كيف يبدأ وينتشر انتقال الطاقة في الخلايا العصبية.
عملهم ساعد في التدليل والتحقق مما أسماه عالم التشريح الإيطالي لويدجي جالفاني "الكهرباء الحيوانية" والتي قال فيها أنه من الممكن أن نجعل عضلات الضفدع الميت ترتعش بواسطة تيار كهربائي يمر عبر جسمه.
كلنا نعلم أن الإنسان يعتمد في كل حركته وخبرته وإحساسه في الحياة على نبض الإشارات عبر الخلايا العصبية، ولكن قبل اكتشاف هودجكين، كانت التفاصيل الدقيقة لطريقة توليد الإشارات غير واضحة.
الاكتشاف قاد البريطاني آلان لويد هودجكين ومواطنه أندرو فيلدنج هكسلي لجائزة نوبل للطب عام 1963 والتي شاركهم فيها الأسترالي جون كارو إكليس الذي وضح ما يحدث بعد أن وصلت النبضات العصبية لنقطة التشابك العصبي أو نقطة الاتصال، للخلية التالية.
العلماء الثلاثة شرحوا أن التيارات أو النبضات العصبية هي الوسيلة التي تنقل بها الأعصاب المعلومات والإحساس للدماغ وهي ايضا التي تنقل أوامر الدماغ لكل أجزاء الجسم.
توفي آلان لويد هودجكين بعد مرض طويل في منزله في كامبريدج وهو في ال 84 بعد أن فسر لنا واحد من الأسرار الكثيرة لأجسامنا.