البعوض المصاب بالبكتيريا الولبخية لا يمكنه نقل الفيروسات للبشر، وهذا من شأنه أن يساعد على الحد من انتشار الأمراض الفيروسية. تقرير أعدته كارين هوبكن.

قد يبدو هذا الأمر غريبًا، ولكن يحتفل العلماء بنجاة وانتشار عشرات الآلاف من البعوض الذي أطلقوه في شمال شرق أستراليا. ولكن قد يصبح هذا الاحتفال منطقيًّا إذا علمنا أن هذا البعوض ليس مثل أيٍّ من تلك الحشرات العادية التي تتغذى على الدماء، وإنما هو بعوض مسلح؛ إذ إنه مصاب بنوع من البكتيريا التي تحول دون انتشار فيروس زيكا وفيروس حُمّى الضَّنك (الدِّنْج)، وغيرها من الفيروسات التي ينقلها البعوض.
توجد هذه البكتيريا والتي يُطلق عليها "البكتيريا الولبخية"، في الطبيعة في ما يقرب من ثلثي أنواع الحشرات، على الرغم من أنها لا توجد عادةً في بعوض الزاعجة المصرية المسؤول عن نقل فيروسات زيكا وحمى الضنك والحمى الصفراء وحمى شيكونجونيا.
ولكن عندما أصاب الباحثون البعوض بالبكتيريا الولبخية في المعمل قبل عقد، أربكت هذه البكتيريا البعوض وجعلته غير قادر على نقل الفيروسات التي يحملها إلى البشر، وهو ما يمنح خبراء الصحة العامة بصيصًا من الأمل في أن إطلاق مجموعات هائلة من البعوض المصاب بالبكتيريا الولبخية في المناطق التي تشهد إصابات بهذه الفيروسات سيؤدي إلى نشر البكتيريا بين البعوض المحلي، مما يجعله غير قادر على نقل الأمراض الفيروسية إلى البشر.
ولكن كان ثمة سؤال مهم يطرح نفسه: هل سيظل وجود البعوض المسلح مقتصرًا على المنطقة التي يُطلق فيها، أم أنه سيبتعد ما يكفي للاختلاط بأقربائه في البرية؟
لذا أجرى الباحثون في أستراليا اختبارًا: فقاموا في عام 2013 بإطلاق ما يقرب من 35 ألف بعوضة من نوع الزاعجة المصرية تحمل البكتيريا الولبخية في موقع واحد، ثم 131 ألف بعوضة في موقع ثانٍ، و286 ألف بعوضة في موقع ثالث، جميعها في مدينة كيرنز، ثم تعقبوا انتشار البعوض. وفي الموقعين اللذين شهدا إطلاق الأعداد الأكبر من البعوض المُعدَّل، انتشر البعوض إلى خارج المنطقتين بمعدل بطيء ولكن ثابت يبلغ 100 إلى 200 متر في العام. في حين أن المجموعة الأصغر حجمًا من البعوض ظلت في مكانها. وقد نُشرت تلك الدراسة في دورية "بلوس بايولوجي" PLos Biology.
[Tom L. Schmidt et al., Local introduction and heterogeneous spatial spread of dengue-suppressingWolbachia through an urban population of Aedesaegypti]
وتشير النتائج إلى أن البعوض المصاب بالبكتيريا الولبخية يمكن أن يكون فعالًا في محاربة الأمراض الفيروسية، إذا ما أُطلق بسخاء في مناطق واسعة، على غرار الرذاذ الطارد للحشرات. وفي أوساط الصحة العامة، هذه النتائج من شأنها أن تُحدث ضجة هائلة.