Skip to main content
للعِلم
  • الإشتراك بالنشرة الدورية
خيارات البحث المتقدم
  • فيروس كورونا
  • العلوم
  • العقل
  • الصحة
  • التكنولوجيا
  • الاستدامة
  • تعليم
  • فيديو
  • بودكاست
      دقيقة للعِلم
      الطب
      دقيقة للعِلم
      إشترك:
      • Apple iTunes
      • RSS

      إندرز وروبنز وولر.. الآباء المؤسسون للقاحات ضد الفيروسات

      • بقلم محمد منصور، داليا عبد السلام بتاريخ 17 فبراير 2021
      حمِّل
      حمِّل MP3
      • شارك على Facebook
      • شارك على Twitter
      • شارك على Reddit
      • شارك على LinkedIn
      • شارك على
      • إطبع
      إندرز وروبنز وولر.. الآباء المؤسسون للقاحات ضد الفيروسات
      النص الكامل

      في أواخرِ سبعينياتِ القرنِ التاسعَ عشَر؛ وضعَ العالمُ الكبيرُ "روبرت كوخ" أساسًا لزراعةِ البكتيريا في مستعمراتٍ داخلَ الأطباقِ المعملية. منذُ ذلكَ الوقت، تمكنَ علماءُ البكتيريا منْ دراسةِ الأمراضِ التي تسبِّبُها البكتيريا بشكل منهجي، وعزلِ العواملِ المسببةِ لها، كما اكتسبُوا معرفةً أكبر بطبيعتِها. فبمساعدةِ تقنية الاستزراع، تمكنُوا من تتبُّعِ الطرقِ التي تنتقلُ منْ خلالِها العدوى، مما جعلَ إمكانيةَ مكافحةِ الأوبئةِ أمرًا ممكنًا.

      كما نجحَ العلماء؛ بفضلِ أبحاثِ "كوخ" الرائدةِ في إنتاجِ الأمصالِ العلاجيةِ واللقاحاتِ الوقائية. أخيرًا كانتْ تقنيةُ الاستزراعِ مفيدةً في اكتشافِ مجموعةٍ منَ الأدويةِ المعجزةِ في وقتِها كالسلفا والبنسلين والستربتومايسين وغيرِها. نجحتِ البشريةُ في معركتِها ضدَّ الأمراضِ البكتيرية؛ على الرغمِ منْ أنَّهُ لمْ يتمَّ القضاءُ عليها تمامًا؛ إلا أنَّ الطاعونَ والكوليرا والتيفوئيد والدفتيريا والإنتان لمْ تعدْ أمراضًا تُشكلُ تهديدًا للبشرية.

      لكنْ؛ حينَ ننتقلُ إلى الأمراضِ الفيروسية، نلتقي بصورةٍ مختلفةٍ تمامًا. صحيحٌ أنَّهُ تمتِ السيطرةُ على الجدريِّ بفضلِ اللقاحِ الفعالِ الذي قدمتْهُ الطبيعةُ نفسُها. تمَّ فحصُ الحمى الصفراءِ عنْ طريقِ مكافحةِ البعوضِ وبمساعدةِ لقاحِ ثيلر -الحاصلِ على نوبل عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وواحدٍ وخمسين- كما يُمكنُ منعُ انتشارِ التيفوسِ الوبائيِّ عنْ طريقِ استخدامِ الـ دي.دي.تي - وهوَ إنجازٌ حصلَ أيضًا على جائزةِ نوبل - وعلاجُ المرضِ نفسِه بنجاحٍ بالمضاداتِ الحيوية. ومعَ ذلك؛ لمْ ينجحِ العالَمُ في مكافحةِ أحدِ الفيروساتِ الخطيرة جدًّا. وهوَ ذلكَ الفيروسُ المُسببُ لشللِ الأطفالِ إلا بفضلِ الثلاثيِّ "جون إندرز" و"فردريك روبنز" و"توماس ولر" الحاصلينَ على جائزةِ نوبل الطبِّ لعامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وأربعةٍ وخمسينَ لاكتشافِهما قدرةَ فيروسِ شللِ الأطفالِ على النموِّ في مختلِفِ أنواعِ الأنسجة.

      كانَ شللُ الأطفالِ غيرَ معروفٍ عمليًّا في مطلعِ القرنِ العشرين، وفي خمسينياتِ القرنِ الماضي أصبحَ مسؤولاً عما يقربُ منْ خُمسِ الوفياتِ الناجمةِ عنِ العدوى الحادة.

      ليسَ منَ الصعبِ العثورُ على سببِ فشلِ علماءِ الفيروسات. ففي الوقتِ الذي كانَ فيهِ علماءُ البكتيريا ناجحينَ للغايةِ في استزراعِ البكتيريا في المعامل. كانتْ هناكَ صعوباتٌ مهولةٌ مرتبطةٌ بزراعةِ الفيروسات. فعلى عكسِ البكتيريا والكائناتِ الدقيقةِ الأخرى، فإنَّ الفيروسَ غيرُ قادرٍ على التكاثرِ في وسطِ الحياةِ الاصطناعيِة كما يظهرُ في أنبوبِ الاختبارِ كمادةٍ كيميائيةٍ خاملة؛ فقطْ في داخلِ الخليةِ الحيةِ تتحررُ قوتُها الخفية. فهناكَ، يصبحُ أكثرَ نشاطًا ويُحفزُ عمليةً قدْ تؤدي أحيانًا في غضونِ بضعِ دقائق، إلى تدميرِ الخلايا وإنتاجِ مئاتِ جزيئاتِ الفيروسِ الجديدة.

      في البداية، كانَ على عالِمِ الفيروساتِ أنْ يلجأَ بالكاملِ إلى التجاربِ على الحيوانات، على أملِ أنْ يؤديَ تلقيحُ مادةِ الاختبارِ إلى مرضٍ نموذجي. بدلاً منْ دراسةِ الفيروسِ نفسِه، يجبُ أنْ يكونَ راضيًا عنْ ملاحظةِ ردِّ فعلِ الحيوانِ للعدوى ومحاولةِ استنتاجِ بعضِ المعلوماتِ منْ خصائصِ الفيروساتِ وطبيعتِها. هذهِ الطريقةُ غيرُ المباشرةِ هي أكثرُ مشقةً وكُلفة، كما تستغرقُ وقتًا أفضل. كما أنَّها وقبلَ كلِّ شيْءٍ أقلُّ سهولةً في عمليةِ استدلالِ النتائجِ منْ تقنيةِ الزراعةِ البكتريولوجية.

      وعلاوةً على ذلك، غالبًا ما تفشلُ الفيروساتُ في العملِ على حيواناتِ المختبرِ لأنَّ العديدَ منها تخصصتْ تمامًا في الجنسِ البشريِّ لدرجةِ أنها لا تهاجمُ أيَّ كائناتٍ حيةٍ أخرى. ولأنَّ التجاربَ على متطوعينَ بشريينَ لا يُنصحُ بها في كثيرٍ منَ الأحيان؛ كانَ اكتشافُ الرجالِ الثلاثةِ مُدوِّيًا بحق.

      ففي عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وتسعةٍ وأربعينَ ظهرتْ ورقةٌ بحثيةٌ منْ فريقِ بحثٍ في بوسطن، متواضعةٌ في الحجمِ والصياغةِ ولكنها تحتوي على محتوًى مثير. أفادَ جون إندرز مديرُ مختبرِ أبحاثِ مستشفى الأطفالِ ورفاقُه توماس ويلر وفريدريك روبنز، بنجاحِ زراعةِ فيروسِ شللِ الأطفالِ في ثقافاتِ أنبوبةِ اختبارٍ للأنسجةِ البشرية. في ذلكَ الوقتِ بدأتْ حِقبةٌ جديدةٌ في تاريخِ أبحاثِ الفيروسات.

      تمَّ تعلُّمُ فنِّ زراعةِ الأنسجةِ الحيوانيةِ المعزولةِ عنِ الكائنِ الحيِّ بالفعلِ في العقدِ الأولِ منَ القرنِ العشرين. حينَ نجحَ العلماءُ في زراعةِ "الميتازوان".

      يمكنُ اعتبارُ خليةِ الميتازوان -وهيَ كائناتٌ حقيقيةُ النواةِ مُتعددةُ الخلايا- أنَّها كائنٌ حيٌّ دقيق، أكثرُ تخصصًا منَ البكتيريا الحيةِ، فوجودُها يعتمدُ على التعايُشِ معَ الخلايا المُضيفةِ في الكائِنِ الحيِّ، ومعَ ذلكَ فهيَ قادرةٌ على أنْ تعيشَ حياتَها الخاصةَ فقطْ إذا تمَّ تقديمُ وسيطٍ مناسب.

      استشعرَ علماءُ الفيروساتِ بالفعلِ في مرحلةٍ مبكرةٍ أنَّ زراعةَ الأنسجةِ قدْ تُثبتُ أنها أداةٌ قيّمة، لكنَّ الصعوباتِ التقنيةَ لمْ تشجعْهم لدراسةِ الفيروسات. وكانَ الوقتُ مواتيًا ومناسبًا لإجراءِ تجاربَ على فيروسِ شللِ الأطفال.. فقدْ كانَ ذلكَ الكائنُ المجهولُ يعصفُ بالبشرية.

      كانتِ الأزمةُ الحقيقيةُ التي تواجهُ علماءَ الفيروساتِ هوَ اعتقادُ أنَّ ذلكَ الفيروسَ موجَّهٌ للأعصابِ بشكلٍ كامل، أيْ أنهُ قادرٌ على التكاثرِ في الخلايا العصبيةِ حصريًّا، وبالتالي لا يُمكنُ زراعتُهُ في الأنسجةِ الأخرى.

      فمنْ بينِ جميعِ الأنسجة، فإنَّ الأنسجةِ العصبيةِ هيَ الأكثرُ تخصصًا والأكثرُ تطلبًا وبالتالي الأكثرُ صعوبةً في الزراعة. نظرًا إلى أنَّهُ، في ذلكَ الوقت، يبدو أنَّهُ لا يوجدُ بديلٌ لاستخدامِ أنسجةِ المخِّ البشري، فمنَ السهلِ فهمُ ابتعادِ الباحثينَ عنْ دراسةِ الفيروسِ المُسببِ لشللِ الأطفالِ عنْ طريقِ استزراعِه.

      غيرَ أنَّ الثلاثيَّ الأمريكيَّ أثبتَ عكسَ ذلكَ الأمر. إذْ نجحُوا في التأكُّدِ منْ أنَّ جميعَ الأنسجةِ باستثناءِ العظامِ والغضاريفِ مناسبةٌ بشكلٍ متساوٍ لاستزراعِ فيروسِ شللِ الأطفال. كما نجحُوا في عزلِ الفيروسِ منْ عيناتٍ مختلفةٍ مباشَرةً في مزارعِ الأنسجة.

      أثارتْ هذهِ الاكتشافاتُ نشاطًا محمومًا في مختبراتِ الفيروساتِ في جميعِ أنحاءِ العالم. سرعانَ ما أصبحتْ تقنيةُ زراعةِ الأنسجةِ إحدى الطرقِ القياسيةِ لأبحاثِ الفيروساتِ الطبية، واحتلتْ في سنواتٍ قليلةٍ المرتبةَ الأولى بلا مُنازع.

      بسببِ اكتشافاتِ الثلاثيِّ الأمريكي؛ تمَّ اختبارُ الفيروسِ المُسبِّبِ لشللِ الأطفالِ بكلِّ الطرقِ الممكِنة، كما قادتْ تلكَ الاكتشافاتُ إلى ابتكارِ أدواتٍ تشخيصيةٍ للأطباءِ وعلماءِ الأوبئةِ أتاحتْ لهمْ إجراءَ تحسيناتٍ على اللقاحات.

      لمْ يقتصرْ مجالُ الاكتشافِ في تطبيقِه على أبحاثِ شللِ الأطفال؛ إذْ سمحَ استخدامُ مزارعِ الأنسجةِ البشريةِ بمهاجمةِ العديدِ منْ مشكلاتِ الفيروساتِ التي كانتْ بعيدةَ المنالِ في السابِقِ بسببِ عدمِ وجودِ حيواناتٍ مختبريةٍ حساسة.

      فقدْ تابعَ علماءٌ آخرونَ هذا الخطَّ بشكلٍ منهجيٍّ للإجابةِ عنِ السؤالِ عنْ أسبابِ عددٍ منَ الأمراضِ الشبيهةِ بالزكام. كما نجحَ "ولر" في زراعةِ العواملِ المسببةِ للحُماقِ والهربسِ النطاقي. كما نجحَ أيضًا في دراسةِ فيروسِ الحصبةِ الذي لمْ يكنْ منَ الممكنِ الوصولُ إليهِ تقريبًا. كما تمَّ تطبيقُ الطريقةِ بنجاحٍ على عدةِ مشكلاتٍ في مجالِ الطبِّ البيطري.

      وُلدَ "جون فرانكلين إندرز" في العاشرِ منْ فبراير عامَ ألفٍ وثَمانِمئةٍ وسبعةٍ وتسعينَ في كونيتيكت بالولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ لوالدٍ يعملُ في مجالِ البنوك.

      أمنتْ لهُ وظيفةُ والدِهِ تعليمًا جيدًا. التحقَ بجامعةِ ييل عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسةَ عشَرَ؛ ولكنْ في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وسبعةَ عشَرَ تركَ دراستَه هناكَ ليصبحَ طيارًا في سلاحِ الجوِّ الأمريكي. وبعدَ انتهاءِ الحربِ العالميةِ الأولى عادَ إلى الجامعةِ لاستكمالِ دراستِه.

      ثمَّ بدأَ العملَ في مجالِ العقاراتِ في هارتفورد ، ولكنْ بعدَ أنْ أصبحَ غيرَ راضٍ عنْ ذلكَ العملِ التحقَ بجامعةِ هارفارد.

      ولمدةِ أربعِ سنواتٍ درسَ الأدبَ الإنجليزيَّ واللغاتِ الجرمانيةَ والسلتية. فقدْ كانَ يُريدُ أنْ يُصبحَ مدرسًا للغةِ الإنجليزية. لكنهُ لمْ يكنْ راضيًا عنْ هذِهِ المهنةِ أيضًا.

      كانَ "إندرز" مهتمًّا بعلمِ الأحياءِ مدةً طويلة، وتجددَ هذا الاهتمامُ منْ خلالِ صداقاتِه معَ طلابِ الطبِّ في جامعةِ هارفارد، ونتيجةً لذلكَ قررَ الالتحاقَ بالقسمِ للحصولِ على شهادةٍ في علمِ الجراثيمِ والمناعة.

      في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثلاثينَ، حصلَ إندرز على درجةِ الدكتوراةِ في علومِ الجراثيم؛ ومنْ عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثلاثينَ حتى عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وستةٍ وأربعينَ؛ بقيَ إندرز في جامعةِ هارفارد عضوًا في هيئةِ التدريس. خلالَ هذهِ الفترةِ درسَ بعضَ العواملِ المتعلقةِ بالضراوةِ البكتيريةِ ومقاومةِ الكائنِ الحيِّ المضيف.

      في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةٍ وثلاثينَ، بدأَ إندرز دراسةَ بعضِ فيروساتِ الثدييات، وأجرى في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وواحدٍ وأربعينَ دراسةً لفيروسِ النكاف. قدمَ هذا العملُ الاختباراتِ المصليةَ لتشخيصِ هذا المرضِ واختبارَ الجلدِ لمعرفةِ مدى قابليتِه للإصابةِ بهِ وأظهرَ التأثيرَ المناعيَّ لفيروسِ النكاف المعطلِ وإمكانيةِ التخفيفِ منْ ضراوةِ هذا الفيروسِ عنْ طريقِ تمريرِه عبرَ أجنةِ الكتاكيت.

      في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وستةٍ وأربعينَ، طُلبَ منْ إندرز إنشاءُ مختبرٍ للبحثِ في الأمراضِ المُعديةِ في المركزِ الطبيِّ للأطفالِ في بوسطن. في هذا المختبرِ تمَّ إنجازُ الكثيرِ منَ العملِ المتميزِ حولَ الأمراضِ الفيروسيةِ للإنسانِ تحتَ إشرافِه، وقدْ تمَّ هنا العملُ على زراعةِ فيروساتِ شللِ الأطفالِ التي حصلَ إندرز عنها على جائزةِ نوبل في علمِ وظائفِ الأعضاءِ أوِ الطبِّ عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وأربعةٍ وخمسين.

      أما "توماس ولر" فقد وُلد في ميتشيغان  في الخامس عشَرَ من يونيو عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسةَ عشَر. وتلقَّى تعليمَهُ في المدارسِ العامةِ هناكَ، وبعدَ ذلكَ في جامعةِ ميشيغان، حيثُ كانَ لدى والدِهِ كارل فيرنون ويلر وظيفةٌ في قسمِ علمِ الأمراضِ في كليةِ الطب. بعدَ ذلكَ انتقلَ إلى بوسطن للالتحاقِ بجامعةِ هارفارد.

      تأثرَ مسارُ الكثيرِ منْ أعمالِ ويلر اللاحقةِ بحقيقةِ أنَّهُ تمَّ قَبولُهُ، في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وتسعةٍ وثلاثين، كطالبٍ تعليميٍّ منْ قِبلِ الدكتور جون فرانكلين إندرز، الذي حثَّهُ على دراسةِ الفيروساتِ والأنسجةِ وتقنياتِ الاستزراعِ باعتبارها وسيلةً لدراسةِ أسبابِ الأمراضِ المُعدية. في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وأربعينَ حصلَ على درجةِ الماجستير في الطبِّ وبدأَ تدريبَهُ السريريَّ في مستشفى الأطفالِ في بوسطن.

      توقفَ عملُهُ بسببِ الخدمةِ العسكريةِ في الحربِ العالميةِ الثانية، إذِ انضمَّ في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ واثنينِ وأربعين إلى الفيلقِ الطبيِّ للجيشِ وتمَركزَ في مختبرِ جزرِ الأنتيلِ الطبيِّ في بورتوريكو لمدةِ اثنينِ وثلاثينَ شهرًا. هناكَ كانَ رئيسًا لأقسامِ علمِ الجراثيمِ والفيروساتِ والطفيليات، وحصلَ على رتبةِ رائد. عادَ بعدَ ذلكَ إلى مستشفى الأطفالِ بوسطن لقضاءِ عامٍ آخرَ منَ التدريبِ السريريِّ، وفي عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وسبعةٍ وأربعينَ انضمَّ إلى الدكتور إندرز في تنظيمِ قسمِ أبحاثِ الأمراضِ المُعديةِ الجديدِ في المركزِ الطبيِّ للأطفال.

      في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وتسعةٍ وأربعينَ تمَّ تعيينُه مديرًا مساعدًا لهذا القسمِ ثمَّ تمَّ تعيينُهُ لاحقًا مدرسًا وأستاذًا مساعدًا ثم أستاذًا مشاركًا في قسمِ علمِ الأمراضِ المقارنِ وطبِّ المناطقِ الحارةِ في كليةِ الطبِّ بجامعةِ هارفارد. تمتْ إعادةُ تسميةِ القسمِ ونقلُه إلى كليةِ هارفارد للصحةِ العامة. في يوليو عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وأربعةٍ وخمسين، تمَّ تعيينُهُ أستاذًا للصحةِ الاستوائيةِ العامةِ ورئيسًا للقسمِ في كليةِ هارفارد للصحةِ العامة.

      أدتْ دراساتُهُ عنْ فيروساتِ الحماقِ والهربسِ النطاقيِّ إلى عزلِهِ لأولِ مرةٍ منَ الفيروساتِ المسؤولةِ عنْ هذهِ الأمراض، وكذلكَ في تطويرِ الاختباراتِ التشخيصيةِ وإثباتِ أنَّ الفيروسَ نفسَه يسببُ كلا المرضينِ على ما يبدو. في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسةٍ وخمسينَ قامَ أيضًا بعزلِ الفيروسِ المسبِّبِ لمرضِ عدوى الفيروسِ المُضخمِ للخلايا عندَ الرضع، وبعدَ العملِ لمدةِ خمسِ سنواتٍ على هذهِ الأمراض، تمكَّنَ منْ إثباتِ أنَّ الجنينَ البشريَّ، في أثناءِ وجودِه في الرحم، معرَّضٌ بشكلٍ خاصٍّ للهجومِ منْ قِبَلِ هذهِ الفيروسات. وأنَّهُ إذا نجا الجنينُ منْ هجومِها، فغالبًا ما يُولدُ الرضيعُ مصابًا بضررٍ شديدٍ في دماغِه، مما يسبِّبُ التخلفَ العقليَّ والشللَ الدماغي.

      أمَّا الثالثُ؛ فريدريك روبنز فقدْ وُلدَ في ألاباما في أغسطس منْ عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وستةَ عشَرَ. كانَ والدُه عالمًا في النباتاتِ ومديرًا لحدائقِ نيويورك النباتية.

      تلقَّى تعليمَهُ في جامعةِ ميسوري؛ وحصلَ في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وستةٍ وثلاثينَ على بكالوريوسِ العلومِ، ثمَّ انتقلَ لدراسةِ الطبِّ في جامعةِ هارفارد.

      تمَّ تعيينُه طبيبًا مقيمًا في علمِ الجراثيمِ في المركزِ الطبيِّ بمستشفى الأطفالِ في بوسطن. واصلَ تدريبَهُ هناكَ حتى عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ واثنينِ وأربعينَ، وغادرَ للخدمةِ في جيشِ الولاياتِ المتحدةِ في أثناءِ الحربِ العالميةِ الثانية..

      في أثناءِ الخدمةِ العسكريةِ تمَّ تعيينُه في المختبرِ الطبيِّ العامِ رئيسًا لقسمِ الفيروسات، وبهذهِ الصفةِ خدمَ في الولاياتِ المتحدةِ وشمالِ إفريقيا وإيطاليا. اشتملتْ معظمُ أعمالِهِ خلالَ هذهِ الفترةِ على إجراءِ تحقيقاتٍ حولَ التهابِ الكبدِ الوبائيِّ وحمى التيفوسِ وحمى كيو والإشرافِ على معملِ تشخيصِ الفيروسات. كما درسَ مناعةَ النكاف. في عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسةٍ وأربعينَ حصلَ على النجمةِ البرونزيةِ للخدمةِ المتميزةِ، وفي وقتِ تسريحِه منَ الجيشِ عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وستةٍ وأربعينَ كانَ يحملُ رتبةَ رائد.

      وحينَ عادَ إلى الحياةِ المدنية، استأنفَ روبنز تدريبَهُ في المركزِ الطبيِّ لمستشفى الأطفالِ وأكملَ ذلكَ في يناير عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةٍ وأربعين. منْ عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وثمانيةٍ وأربعينَ إلى عامِ ألفٍ وتسعِمئةٍ وخمسينَ، حصلَ على زمالةٍ عليا في أمراضِ الفيروساتِ منَ المجلسِ القوميِّ للبحوثِ وعمِلَ معَ الدكتور إندرز في قسمِ أبحاثِ الأمراضِ المُعديةِ بالمركزِ الطبيِّ بمستشفى الأطفال. خلالَ هذا الوقتِ كانَ عضوًا في كليةِ الطبِّ بجامعةِ هارفارد. في أثناءِ عملِهِ معَ إندرز، درسَ روبنز بشكلٍ رئيسيٍّ زراعةَ فيروسِ شللِ الأطفالِ في الأنسجة. كما قامَ بفحصِ فيروساتِ النكافِ والهربسِ البسيط.

      بفضلِ اكتشافاتِ الثلاثي؛ تمتلكُ البشريةُ الآنَ مرافقَ محسَّنةً بشكلٍ أساسيٍّ لمكافحةِ الأمراضِ الفيروسية. ومنْ خلالِ منحِ علماءِ الفيروساتِ طريقةً عمليةً لعزلِ الفيروساتِ ودراستِها؛ نجحَ الثلاثيُّ في تخفيفِ عبءِ مرضِ شللِ الأطفالِ والوصولِ إلى عالمٍ شبهِ خالٍ منْ ذلكَ الفيروس الخطير.

      إغلق النص

      عن الكتّاب

      author-avatar

      محمد منصور

        محرر علمي درس الهندسة الميكانيكية بجامعة حلوان المصرية. وحصل على دورات متخصصة في الصحافة العلمية من جامعة ييل، ودورات في مجال صحافة الطاقة في جامعة ستانفورد، يركز في عمله على القضايا العلمية المرتبطة بالتنمية المجتمعية وقضايا التغير المناخى.

        أحدث مقالات الكاتب

        • الفقراء ينامون «دون عشاء» بسبب وباء كورونا
        • ثيوريل..الموسيقار الهاوي الذي صنع الأَحاجي وحل لغز "الأكسدة"
        • في نشرة العلوم..هدف جديد لعلاجِ أورامِ الدماغِ السرطانية
        author-avatar

        داليا عبد السلام

        رئيس تحرير "للعلم" الطبعة العربية لساينتفك أمريكان وصحفية حاصلة على جوائز ومتخصصة في شئون البيئة

        أحدث مقالات الكاتب

        • كيرت ب. ريختر..الباحث عن الجذور البيولوجية للسلوك!
        • ثيوريل..الموسيقار الهاوي الذي صنع الأَحاجي وحل لغز "الأكسدة"
        • في نشرة العلوم..هدف جديد لعلاجِ أورامِ الدماغِ السرطانية
        إعلان

        المزيد من البودكاست

        كيرت ب. ريختر..الباحث عن الجذور البيولوجية للسلوك!

        دقيقة للعِلم - منذ 14 دقيقة - بواسطة داليا عبد السلام00:00

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3

        ثيوريل..الموسيقار الهاوي الذي صنع الأَحاجي وحل لغز "الأكسدة"

        دقيقة للعِلم - منذ 17 ساعة - بواسطة محمد منصور ، داليا عبد السلام00:00

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3

        في نشرة العلوم..هدف جديد لعلاجِ أورامِ الدماغِ السرطانية

        دقيقة للعِلم - 22 فبراير 2021 - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور00:00

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3

        في نشرة العلوم..التفاح يساعد على إنتاجِ خلايا دماغية جديدة

        دقيقة للعِلم - 16 فبراير 2021 - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور09:50

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3

        إرنست هيكل...الفنان الذي سجل أكتشافاته العلمية بالرسم

        دقيقة للعِلم - 15 فبراير 2021 - بواسطة داليا عبد السلام04:53

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3

        كريبس وليبمان: مكتشفا آلية تحوُّلِ الغذاء إلى طاقة

        دقيقة للعِلم - 14 فبراير 2021 - بواسطة محمد منصور ، داليا عبد السلام08:55

        Full Transcript
        Download
        حمِّل MP3
        عرض كل البودكاست

        تابعنا

        • instagram
        • soundcloud
        • youtube
        • twitter
        • facebook
        • rss
        • Return & Refund Policy
        • About
        • عن المجلة
        • FAQs
        • Contact Us
        • عن بنك المعرفة
        • Advertise
        • SA Custom Media
        • Terms of Use
        • Privacy Policy
        • California Consumer Privacy Statement
        • Use of cookies/Do not sell my data
        • International Editions
        بعض المحتوى والمواد تم استخدامها بتصريح من مجلة "ساينتفك أمريكان"، التابعة لمجموعة نيتشر للنشر.

        © 2021 المجلس التخصصي للتعليم والبحث العلمي التابع لرئاسة الجمهورية

        جميع الحقوق محفوظة.

        Scroll To Top

        You have free articles left.

        Temp Paywall Img

        Support our award-winning coverage of advances in science & technology.

        Already a subscriber? Sign in.

        Subscribers get more award-winning coverage of advances in science & technology.

        See Subscription Options