يقول الباحثون إنه ينبغي اختبارُ الحياة الميكروبية في مواقع تخزين الكربون، حيث يُحتمَل أن تتسبب في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثان -وهو أحد الغازات الدفيئة الأكثر قوة. كما يوضح لنا هذا التقرير.

أشكال الحياة في الظروف القاسية قد تعقِّد عملية احتجاز الكربون

ظهرت الحياة الأولى على كوكب الأرض قبل حوالي أربعة مليارات عام. وربما ظهرت هذه الكائنات الحية الرائدة في الفتحات الحرارية المائية في أعماق المياه. حيث وفرت الظروفُ الكيميائية غيرُ المألوفة الطاقةَ اللازمة لبقاء الأشكال الحية البدائية على قيد الحياة، ومنها الميكروبات المولدة للميثان، والتي عُثر عليها عند تلك الفتحات في وقتنا الحاضر.
والآن، وللمرة الأولى، عثر الباحثون على دليل يشير إلى وجود حياة منتجة للميثان في نفس الظروف القاسية، ولكن على سطح الأرض-في نبع مياه شماليِّ كاليفورنيا، يُدعى سيدارز The Cedars. وتتميز مياه هذا النبع بكونها شديدة القاعدية؛ إذ تبلغ قيمة أسها الهيدروجيني 11.6. وهي خالية من الأكسجين، مما يجعل الحياة فيها أمرًا بالغ الصعوبة.
واختبر الباحثون المياه والرواسب في ينابيع سيدارز، وعالجوا بعض العينات بكلوريد الزئبق؛ لكي يقضوا على أي حياة فيها، ولم تنتج هذه العينات بالفعل أيَّ مقدار من الميثان، على عكس العينات التي سُمح فيها للميكروبات بالبقاء على قيد الحياة، والتي أنتجت الميثان، الأمر الذي يؤكد أن بعض الميثان المنبعث من الينابيع، على أقل تقدير، جرى إنتاجه من مصدر حيوي.
يترتب على هذه النتائج البحثية آثارٌ مهمة تتعلق بالتخفيف من حدة التغيُّر المناخي؛ إذ ثَم اقتراح قائم باستخدام نبع في عُمان -يماثل ينابيع سيدارز من حيث الخصائص الجيولوجية- موضعًا لتخزين الكربون، عن طريق ضخ ثاني أكسيد الكربون إلى جوف الأرض، حيث يندمج في الصخور. غيرَ أن الكائنات الحيةَ الدقيقة، المُحبةَ للظروف القاسية في ينابيع سيدارز، استطاعت أن تحول ثاني أكسيد الكربون إلى غاز الميثان -وهو أحد الغازات الدفيئة الأكثر خطورة. وتصف بيني موريل -عالمة الجيوكيمياء الحيوية في جامعة ميموريا في نيوفاوندلاند- هذا الوضعَ بقولها: "تخيل أننا سوف نضخ ثاني أكسيد الكربون إلى جوف الأرض لكي نحبسه هناك، وبعد ذلك يعود للصعود على هيئة غاز ميثان"، وتضيف قائلة: "أنا لا أقول إن هذا هو ما سوف يحدث بالضرورة، لكن يتوجب علينا أن نجري الاختبارات اللازمة للتأكد من إمكانية حدوثه من عدمها، قبل أن نشرع في تنفيذ تقنية احتجاز الكربون وتخزينه في واحد من هذه المواقع".
وتقول موريل إن الدراسة تأتي بمنزلة تذكير بشراسة الحياة؛ إذ "لا ينبغي لنا أن نجعل تحيُّزاتنا تحول بيننا وبين البحث عن أدلة على وجود حياة في المواضع التي لا نتوقع وجودَها فيها". ويتضمن ذلك البحث عن وجود حياة على الكواكب الأخرى، أو حتى الأقمار.
] النص أعلاه هو تفريغ للملف الصوتي [