Skip to main content
للعِلم
  • الإشتراك بالنشرة الدورية
خيارات البحث المتقدم
  • فيروس كورونا
  • صحة
  • الصحة العقلية والنفسية
  • بيئة
  • تقنيات
  • فيزياء وفضاء
  • قضايا التعليم
  • فيديو
  • بودكاست
      دقيقة للعِلم
      الطب
      دقيقة للعِلم
      إشترك:
      • Apple iTunes
      • RSS

      نوبل 1988.. لأدويةٍ تنقذُ حياةَ مئاتِ الملايين

      • بقلم محمد منصور، داليا عبد السلام بتاريخ 11 يناير 2022
      حمِّل
      حمِّل MP3
      • شارك على Facebook
      • شارك على Twitter
      • شارك على Reddit
      • شارك على LinkedIn
      • شارك على Email
      • إطبع
      نوبل 1988.. لأدويةٍ تنقذُ حياةَ مئاتِ الملايين

      Full Transcript

      بدأَ البشرُ في استخدامِ "الأدويةِ" قبلَ بضعةِ آلافٍ منَ السنين. ففي مصرَ القديمة؛ وردَ ذكرُ الأعشابِ الطبيةِ في البرديات؛ ورُسمتْ على جدرانِ المعابدِ والمقابر. حتى إنَّ بعضَ الملوكِ وضعوها في جرارٍ بجانبِ توابيتِهم لاستخدامِها في العالمِ الآخر. وصفتْ برديةُ "إيبرس" -وهيَ إحدى أهمِّ البردياتِ الطبيةِ في مصرَ القديمة- أكثرَ منْ سَبعِمئةِ دواءٍ معظمُها منْ أصلٍ نباتي. وعلى مرِّ العصورِ ابتكرَ الأطباءُ أدويةً لمختلِفِ الأمراض؛ وفي القرنِ العشرين؛ انفجرتْ ثورةٌ دوائيةٌ كُبرى بعدَ ابتكارِ عددٍ منَ اللقاحاتِ والأدوية؛ كانَ أحدُ المعالِمِ الشهيرةِ لتلكَ الثورةِ ما ابتكرَه كلٌّ منَ السير "جيمس بلاك" و"جيرترود إليون" و"جورج هيتشنغز" وحصلُوا بموجَبِه على جائزةِ نوبل لعامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةٍ وثمانين.

      فالثلاثةُ أرسَوا مبادئَ مهمةً في علمِ العقاقير؛ أدتْ إلى تطويرِ سلسلةٍ منَ الأدويةِ الجديدةِ التي لا تزالُ تُستخدَمُ حتى اليوم. فالأولُ -جيمس بلاك- تمكنَ منِ ابتكارِ خطٍّ جديدٍ كُليًّا منَ الأدويةِ يستخدمُه حتى الآنَ أكثرُ منْ خَمسِمئةِ مليونِ شخصٍ حولَ العالَمِ يُعرفُ باسمِ "حاصراتِ بيتا" ويُستخدمُ الآنَ في علاجِ أمراضِ القلبِ التاجيةِ (الذبحةِ الصدريةِ واحتشاءِ عضلةِ القلب) وارتفاعِ ضغطِ الدمِ كما طورَ أيضًا مجموعةً جديدةً منَ الأدويةِ لعلاجِ قُرَحِ المعدة. في حينِ تمكنتِ الثانيةُ والثالثُ -جيرترود إليون وجورج هيتشنغز- منْ تطويرِ دواءٍ يمنعُ رفضَ الجسمِ للأعضاءِ المزروعة؛ ودواءً آخرَ ضدَّ اللوكيميا، ودواءً لمنعِ النقرس، ودواءً لعلاجِ عدوى فيروسِ الهربس.

      لم تُعطَ الجائزةُ للثلاثةِ بسببِ ابتكارِ الأدويةِ فحسب؛ بلْ أيضًا لسببٍ جوهريٍّ آخر. ففي حينِ أنَّ تطويرَ الأدويةِ اعتمدَ قبلَهم بشكلٍ أساسيٍّ على التعديلِ الكيميائيِّ للمنتجاتِ الطبيعية؛ أدخلَ الثلاثةُ نهجًا أكثرَ عقلانيةً يعتمدُ على فهمِ العملياتِ الكيميائيةِ الحيويةِ والفيزيولوجيةِ الأساسية.

      وُلدَ "جيمس بلاك" في أسكتلندا عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وأربعةٍ وعشرينَ وهوَ الرابعُ بينَ خمسةِ أبناءٍ لوالتر بلاك الذي كانَ يعملُ مهندسَ تعدين، وكاثرين وايت التي كانتْ تعملُ خيَّاطة.

      اهتمَّ الأبُ بتعليمِ الأبناءِ الخمسةِ فتخرجَ جميعُهم في جامعاتٍ مرموقة. كانتِ الأسرةُ تنتقلُ ذهابًا وإيابًا بينَ حقولِ الفحم. لذا تلقَّى الأبناءُ تعليمًا في مدارسَ مختلفة.

      منذُ الصِّغر؛ اهتمَّ جيمس بلاك بالموسيقى والرياضيات. في أثناءِ دراستِه؛ اكتشفَ "بلاك" خطأً في كتابِ الرياضياتِ المدرسيِّ وأخبرَ معلمَه الذي أنكرَ ذلكَ الخطأ؛ فقررَ "بلاك" وقتَها التعمقَ أكثرَ في دراسةِ الرياضياتِ ليثبتَ للمدرسِ وجهةَ نظرِهِ!

      يقولُ "بلاك" إنَّ اهتمامَه بالرياضياتِ كانَ مفيدًا للغاية؛ إذْ مكنَه منَ التفوقِ في علمِ الكيمياءِ التحليلية؛ وهوَ ما أفادَه بطبيعةِ  الحالِ في عملياتِ تصميمِ الأدوية؛ كما أكسبَه أيضًا الثقةَ بمقاومةِ وجهةِ النظرِ السائدة -حتى ولو كانتْ في الكتابِ المدرسيِّ المُتفَقِ عليه- إذْ لمْ تتوافقْ معَ وجهةِ نظرِه.

      اختارَ "بلاك" دراسةَ الطبِّ لأنَّهُ رأى الكتبَ الطبيةَ لأخيه الأكبرِ واعتقدَ أنَّها مادةٌ "غنيةٌ بالإمكانيات".. وتقدمَ للحصولِ على منحةٍ في جامعةِ "سانت أندوز" للدراسةِ وهوَ بعمرِ ستةَ عشَرَ عامًا؛ وبالفعلِ كانَ محظوظًا وقُبلَ في المنحةِ لأنَّ عائلتَه لمْ تكنْ قادرةً على تحمُّلِ تكاليفِ إرسالِه. كانتِ الدورةُ الطبيةُ أطولَ وأكثَرَ تكلفةً مما تغطيهِ المنحة، وبحلولِ ذلكَ الوقتِ تخرجَ ولديهِ ديونٌ متراكمة، فقررَ العملَ في وظيفةٍ لسدادِ تلكَ الديون.

      بعدَ التخرُّج؛ عملَ مدرسًا في الجامعة؛ لكنَّه للأسفِ تمَّ تشخيصُه بمرضٍ يُعرفُ بالورمِ الأروميِّ العظمي، وهوَ ورمٌ عظميٌّ نادر، كانَ العلاجُ الإشعاعيُّ قاسيًا وأزعجَه بشدةٍ وتركَهُ بدرجةٍ منَ العجزِ لبقيةِ حياتِه، إلا أنَّه أخفاهُ بشكلٍ جيد، على الرغمِ منْ أنَّه خضعَ لعملياتٍ جراحيةٍ لاستبدالِ الركبة.

      في أثناءِ دراستِه الجامعية، التقى بلاك بزوجتِه الأولى "هيلاري فوغان" تزوجا عندما تخرجَ "بلاك" وكانَ عليها إكمالُ سنتِها الأخيرة. في هذا الوقتِ، تولَّى وظيفةَ مساعدِ أستاذِ علمِ وظائفِ الأعضاءِ في سانت أندروز. أعطاهُ هذا خبرةً في التدريسِ والتعرفِ على البحوثِ الفسيولوجية. في ذلكَ الوقتِ كانَ غاري مهتمًّا بدراسةِ الجهازِ الهضمي.

      يمكنُ تقسيمُ مهنةِ بلاك إلى ثلاثِ فترات؛ مسيرتُه البحثيةُ المبكرةُ التي امتدتْ بينَ عامَي ألفٍ وتِسعِمئةٍ وسبعةٍ وأربعينَ وألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةٍ وخمسين؛ وفترةُ نجاحِه في اختراعِ الأدويةِ منْ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وخمسينَ إلى عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وسبعين؛ والفترةُ الأخيرةُ التي قضاها بالتناوبِ بينَ الأوساطِ الأكاديميةِ والصناعةِ التي استمرتْ حتى نهايةِ حياتِه (منْ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وسبعينَ وحتى عامِ ألفينِ وعشرة).

      خلالَ الفترةِ الأولى؛ طورَ مهاراتِه وأفكارَه التقنيةَ في علمِ وظائفِ الأعضاءِ التجريبيِّ في بيئتينِ منفصلتينِ نوعًا ما. أولاً في سنغافورة بينَ عامي ألفٍ وتِسعِمئةٍ وسبعةٍ وأربعينَ وألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وأربعين، ثمَّ في كليةِ غلاسكو خلالَ الأعوامِ منْ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وخمسينَ وحتى ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةٍ وخمسين. لذلكَ، أنشأَ مختبرًا فسيولوجيًّا مرتينِ في كليةٍ تعليميةٍ مستقلةٍ عنْ بيئةِ البحثِ المحيطة. كانتْ هذهِ طريقةً استثنائيةً للعالمِ لتطويرِ تفكيرِه ومهاراتِه في سنواتِ الشباب.

      في فترةِ ابتكارِه في صناعةِ الأدويةِ منْ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وخمسينَ وحتى عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وسبعين، طورَ أفكارَه حولَ علمِ العقاقيرِ واعتمادَه على الكيمياءِ التركيبية، مما أدى إلى اكتشافِ حاصراتِ بيتا ومضاداتِ الهستامينِ التي نجحتْ للغايةِ منْ وجهةِ النظرِ التجارية.

      في فترتِه الأخيرةِ منْ عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وسبعينَ حتى عامِ ألفينِ وعشرة، عمِلَ في عدةِ مواقعَ مختلفة، متذبذبًا بينَ الجامعاتِ والبحثِ الصناعي، ولكنْ بشكلٍ أساسيٍّ في بيئةِ بحثٍ وتعليمٍ أكاديمي، حيثُ واصلَ السعيَ لاختراعِ عقاقيرَ جديدةٍ (خاصةً لمستقبِلات الغاسترين)، أسهَمَ في تطويرِ المجالِ الذي أطلقَ عليهِ "علمَ الصيدلةِ التحليلي" وكانَ لهُ تأثيرٌ قويٌّ على تنميةِ التفكيرِ في علمِ العقاقيرِ بشكلٍ عام.

      تمكنَ "بلاك" منِ ابتكارِ أولِ دواءٍ منَ الفئةِ التي تُعرفُ حاليًّا باسمِ حاصراتِ مستقبِلات بيتا، والتي تقومُ بإبطاءِ ضرباتِ القلبِ وإضعافِ قوتِها، ما يخفضُ ضغطَ الدم؛ وتساعدُ على توسيعِ الأوردةِ والشرايينِ لتحسينِ تدفقِ الدم.. يُعرفُ ذلكَ الدواءُ باسمِ "بروبرانولول" ولا يزالُ يُستخدمُ حتى اليومِ لإنقاذِ حياةِ الملايينِ حولَ العالم.

      حصلَ بلاك على لقبِ "فارس" عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وواحدٍ وثمانينَ تقديرًا لخدماتِه في البحثِ الطبيِّ وتوفِّيَ عامَ ألفينِ منْ جرَّاءِ مضاعفاتِ مرضِ سرطانِ البروستاتا.

      وُلدتِ العالِمةُ "جيرترود إليون" في نيويورك عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةَ عشَر لأبوينِ مهاجرينِ في مدينةِ نيويورك، وأمضتْ شبابَها المبكرَ في مانهاتن، حيثُ كانَ والدُها طبيبَ أسنان. عندَما وُلدَ شقيقُها، انتقلتِ العائلةُ إلى برونكس. وهناكَ؛ التحقتْ بالمدرسةِ الثانويةِ وتفوقتْ نتيجةَ تعطُّشِها النهِمِ للمعرفة.

      بدافعِ وفاةِ جدِّها الذي ماتَ بسببِ السرطان، التحقتْ إليون بكليةِ هانتر في مدينةِ نيويورك في سنِّ الخامسةَ عشْرةَ وتخرجتْ بامتيازٍ معَ مرتبةِ الشرفِ في الكيمياءِ في سنِّ التاسعةَ عشْرة. واجهتْ صعوبةً في العثورِ على عملٍ بعدَ التخرج، لأنَّ العديدَ منَ المعاملِ رفضتْ تعيينَ امرأة. وجدتْ وظيفةً بدوامٍ جزئيٍّ كمساعدِ مختبرٍ وعادتْ إلى المدرسةِ في جامعةِ نيويورك. ثمَّ عملتْ كمعلمةٍ بديلةٍ بالمدرسةِ الثانويةِ لبضعِ سنواتٍ بينما كانتْ تُنهي العملَ في درجةِ الماجستير التي حصلتْ عليها في عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وواحدٍ وأربعين. على الرغمِ منْ أنَّها لمْ تحصلْ على درجةِ الدكتوراةِ مطلقًا، فقدْ تمَّ منحُها لاحقًا درجةَ الدكتوراةِ الفخرية. منْ جامعةِ البوليتكنيك في نيويورك ودرجةَ دكتوراة فخريةٍ في العلومِ منْ جامعةِ هارفارد.

      خلقتْ بدايةُ الحربِ العالميةِ الثانيةِ المزيدَ منَ الفرصِ للمرأةِ في الصناعة. تمكنتْ "إليون" منَ الحصولِ على عددٍ قليلٍ منْ وظائفِ مراقبةِ الجودةِ في شركاتِ الموادِّ الغذائيةِ والمنتجاتِ الاستهلاكيةِ قبلَ أنْ يتمَّ تعيينُها في شركةِ أدويةٍ شهيرةٍ عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وأربعةٍ وأربعين، حيثُ بدأتْ شراكةً لمدةِ أربعينَ عامًا معَ الدكتور "جورج هيتشنغز" الذي أحبَّ مثابرتَها في العملِ وسمحَ لها بتحمُّلِ المزيدِ منَ المسؤولية.

      شرعَ كلاهُما في مسارٍ غيرِ تقليديٍّ لإنتاجِ الأدويةِ منْ خلالِ دراسةِ التركيبِ الكيميائيِّ للخلايا المريضة. بدلاً منَ الاعتمادِ على طرقِ التجربةِ والخطأ، استخدمُوا الاختلافاتِ في الكيمياءِ الحيويةِ بينَ الخلايا البشريةِ الطبيعيةِ ومسبِّباتِ الأمراضِ (أي العواملَ المسببةَ للأمراض) لتصميمِ أدويةٍ تمنعُ العدوى الفيروسية. طورتْ إليون وفريقُها أدويةً لمكافحةِ اللوكيميا والهربس واكتشفُوا أيضًا علاجاتٍ لتقليلِ رفضِ الجسمِ للأنسجةِ الغريبةِ في عملياتِ زرعِ الكُلى بينَ متبرعينَ غيرِ مرتبطين. إجمالاً، طورتْ خمسًا وأربعينَ براءةَ اختراعٍ في الطبِّ وحصلتْ على ثلاثٍ وعشرينَ درجةً فخرية.

      تعترفُ "إليون" بأنَّ عملَها كانَ حياتَها، لكنها كانتْ تستمتعُ بالتصويرِ الفوتوغرافيِّ والسفر، وكلاهما نتاجُ فضولِها عنِ الحياة. كما أنَّها استمتعتْ بالأوبرا والباليه والمسرح. على الرغمِ منْ أنَّها لمْ تتزوجْ قَط، فقدِ استمتعتْ بكونِها "العمةَ المفضلة" لأطفالِ شقيقِها. وتوفيتْ "إليون" عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وتسعةٍ وتسعين.

      أمَّا "جورج هيتشنغز" فقدْ وُلِدَ عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وخمسة. هاجرَ والدُه إلى الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ منْ لندن. كانَ الوالدُ مهندسًا بحريًّا وبانيًا للسفن. بسببِ الترحالِ الدائمِ للعائلة؛ تلقَّى "هيتشنغز" تعليمَهُ في بيركلي وسان دييغو، كاليفورنيا، وكذلكَ في بيلينجهام وسياتل بواشنطن. كانتْ بيئةُ المنزلِ دافئةً وتملؤُها محبة. سادَ مستوى عالٍ منَ الأخلاقِ في العائلة، جنبًا إلى جنبٍ معَ التعطُّشِ للمعرفةِ والرغبةِ في التدريس. كانَ والداهُ قارئَينِ نهمين؛ يقولُ "هيتشنغز" إنَّهُ منَ الواضحِ لهُ أنَّ والدَهُ خصيصًا كانَ سيصبحُ عالِمًا لوْ كانتِ الفرصُ سهلةَ المنال.

      توفيَ والدُه بعدَ مرضٍ طويلِ الأمدِ عندَما كانَ في الثانيةَ عشْرةَ منْ عمره. تركَ هذا الحدثُ انطباعًا عميقًا حولَ أفكارِه. إذْ قررَ وقتَها دراسةَ الطب. شكلَ هذا الهدفُ اختياراتِه للدوراتِ في المدرسةِ الثانويةِ فقدِ اختارَ -على سبيلِ المثالِ- حياةَ باستير كموضوعٍ لخطابِه. ظلَّ المزجُ بينَ أبحاثِ باستير الأساسيةِ والنتائجِ العمليةِ هدفًا طِوالَ مسيرتِه المهنية.

      كانتْ تجربتُه في مدرسةِ فرانكلين الثانويةِ في سياتل ملحوظةً لسببٍ آخر. كانَ لدى تلكَ المدرسةِ عددٌ كبيرٌ منَ الطلابِ غيرِ المتجانسين، تمتزجُ فيها الطبقةُ العليا والأقلياتُ بما في ذلكَ السودُ والفلبينيونَ واليابانيونَ والصينيون. نتيجةً لذلكَ اكتسبَ القدرةَ على التعامُلِ معَ الأشخاصِ منْ ثقافاتٍ وخلفياتٍ مختلفة.

      التحقَ بجامعةِ واشنطن كطالبِ ما قبلَ الطبِّ عامَ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وعشرين. كانَ حماسُ أعضاءِ هيئةِ التدريسِ والطلابِ في قسمِ الكيمياءِ مُعديًا للغاية، وبحلولِ نهايةِ العامِ الأولِ اختارَ التخصصَ في الكيمياء. حصلَ على أعلى الدرجاتِ في ذلكَ التخصص.

      مكثَ في الجامعةِ ليحصلَ على درجةِ الماجستير في عام ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثمانيةٍ وعشرين. وفي عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وثلاثةٍ وثلاثينَ حصلَ على درجةِ الدكتوراةِ وتزوجَ "بيفرلي رايمر". كانتْ "بيفرلي" فنانةً وذكيةً للغاية. كما كانتْ دقيقةً للغايةِ في تقييماتِها البدهيةِ للناس، وكانتْ دائمًا متعاطفةً معه، ولمْ تستخفَّ أبدًا بمجهوداتِه. كانتْ تُعبرُ عنْ مواهبِها في الرسمِ وصنعِ المجوهراتِ والكتابةِ والتدريس. وفرتْ لهُ حياةً مريحةً للغايةِ مكنتْهُ منَ العملِ في هدوء. رغمَ أنَّ زواجهما تمَّ في منتصفِ الكسادِ الكبير. وعاشا معًا تسعَ سنواتٍ منْ عدمِ الثباتِ الماليِّ والفكري.

      وفي عامِ ألفٍ وتِسعِمئةٍ وأربعةٍ وأربعينَ بدأَ مشروعَهُ البحثيَّ الممتدَّ معَ "إليون".. ذلكَ المشروعَ الذي أسفرَ عنْ سلسلةٍ كبيرةٍ منَ الاكتشافاتِ وابتكاراتِ الأدويةِ التي أسهمتْ في حصولِهما على نوبل.

      في خطابِه في أثناءِ تسلُّمِ الجائزة؛ قالَ "هيتشنغز" إنَّ الأسئلةَ الأساسيةَ المتعلقةَ بالكيمياءِ الحيويةِ للتكاثرِ الخلويِّ ألهمتْهم، كما أنَّ البحثَ قادَهم في رحلةٍ مليئةٍ بالمعرفةِ الجديدةِ والاكتشافاتِ المثيرة. معتبرًا أنَّ "هذا هوَ حُلُمُ كلِّ عالِم"، كما أكدَ أنَّه –وزملاءَه- محظوظونَ لرؤيةِ أنَّ ما فعلُوه في المختبرِ "أصبحَ علاجاتٍ طبيةً تكافحُ أمراضًا مثلَ الملاريا وسرطانِ الدم".

      عن الكتّاب

      author-avatar

        محرر علمي درس الهندسة الميكانيكية بجامعة حلوان المصرية. وحصل على دورات متخصصة في الصحافة العلمية من جامعة ييل، ودورات في مجال صحافة الطاقة في جامعة ستانفورد، يركز في عمله على القضايا العلمية المرتبطة بالتنمية المجتمعية وقضايا التغير المناخى.

        مقالات نُشرت مؤخرًا لـ محمد منصور

        • في نشرة العلوم...أمل جديد لمرضى سرطان الدماغ
        • نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة
        • حل معضلة المناعة النباتية
        author-avatar

          رئيس تحرير "للعلم" الطبعة العربية لساينتفك أمريكان وصحفية حاصلة على جوائز ومتخصصة في شئون البيئة

          مقالات نُشرت مؤخرًا لـ داليا عبد السلام

          • في نشرة العلوم...أمل جديد لمرضى سرطان الدماغ
          • نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة
          • في نشرةِ العلوم.. "تركيبةٌ علاجيةٌ بسيطة" قدْ تقي كبارَ السنِّ منَ السرطان
          إعلان

          المزيد من البودكاست

          في نشرة العلوم...أمل جديد لمرضى سرطان الدماغ

          دقيقة للعِلم - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور11:37

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3

          نوبل الكيمياء عام 1902.. روابط من أجل الحياة

          دقيقة للعِلم - بواسطة محمد منصور ، داليا عبد السلام09:38

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3

          في نشرةِ العلوم.. "تركيبةٌ علاجيةٌ بسيطة" قدْ تقي كبارَ السنِّ منَ السرطان

          دقيقة للعِلم - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور09:54

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3

          نوبل عامَ 2000.. الطريق نحو فهم الذات

          دقيقة للعِلم - بواسطة محمد منصور ، داليا عبد السلام24:20

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3

          في نشرة العلوم.. كما يقتل المستذئبين.. طلاء "الفضة" يقضي على البكتيريا

          دقيقة للعِلم - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور09:43

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3

          في نشرة العلوم.. ابتكار مادة رغوية لعلاجِ الجروحِ المزمنة عند مرضى السكري

          دقيقة للعِلم - بواسطة داليا عبد السلام ، محمد منصور00:00

          Full Transcript
          Download
          حمِّل MP3
          عرض كل البودكاست

          تابعنا

          • instagram
          • soundcloud
          • youtube
          • twitter
          • facebook
          • rss
          • Return & Refund Policy
          • About
          • عن المجلة
          • FAQs
          • Contact Us
          • Site Map
          • Advertise
          • SA Custom Media
          • Terms of Use
          • Privacy Policy
          • California Consumer Privacy Statement
          • Use of cookies/Do not sell my data
          • International Editions
          بعض المحتوى والمواد تم استخدامها بتصريح من مجلة "ساينتفك أمريكان"، التابعة لمجموعة نيتشر للنشر.

          © 2022 ساينتيفيك أمريكان، أحد أقسام شركة سبرنجر نيتشر أمريكا، شركة مساهمة.

          جميع الحقوق محفوظة.

          Scroll To Top

          Support science journalism.

          Scientific American paper issue and on tablet

          Thanks for reading Scientific American. Knowledge awaits.

          Already a subscriber? Sign in.

          Thanks for reading Scientific American. Create your free account or Sign in to continue.

          Create Account

          See Subscription Options

          Continue reading with a Scientific American subscription.

          You may cancel at any time.

          Sign in.