تنكمش مناطق المخ ذات الصلة بالإدراك الاجتماعي في حالة الحمل الأول للمرأة، وهو تغيُّرٌ بنيويٌّ يمكن أن يُقويَ رابطةَ الأمومة. تقرير لكريستوفر إنتالياتا.

يؤدي الحملُ إلى تغيُّرات فيزيائية كبيرة في جسم المرأة. لكن ما استحوذ على اهتمام ثلاثٍ من عالِمات الأعصاب، هو تأثير الحمل على مخ المرأة؟ «كنا في الثلاثينيات من العمر، وكنا نفكر في أننا نرغب في الإنجاب، ولكن انظر إلى هذا، انظر إلى هذا». كان ذلك ما قالته سوزانا كَرْمُونا، عالِمة الأعصاب بجامعة كارلوس الثالث بمدريد.
وأضافت قائلة: «ولكن بعد ذلك تَبيَّن لنا أن معظم هذه البيانات مأخوذ من دراسات أُجريَت على الحيوان، وأنه لم يكن هناك دراسات موثوق بها حول ما يحدث فعلًا في المخ عند الحمل. وكانت هذه هي الطريقة التي أقنَعْنا بها رئيسَنا بأننا يجب أن نُكمِل البحث حتى من دون أي تمويل في تلك الفترة».
التقطَتْ كَرْمُونا وفريقُها صورًا بالرنين المغناطيسي، لأمخاخ 25 امرأة، قبل ولادة طفلهن الأول وبعدها، ووجدوا أن أجزاء المخ التي تتعامل مع وظائف الإدراك الاجتماعي قد انكَمشَتْ بالفعل، أي نَقَصَ حجمُها، في النساء اللواتي أكمَلْنَ فترةَ حملِهِنّ، ووضَعْنَ أطفالَهن بنجاح، وذلك بالمقارنة مع النساء اللائي لم يحمِلْن، أو مع الرجال، سواءٌ أكانوا آباءً جُددًا أم لا.
يبدو الانكماش أمرًا سيئًا، فلماذا قد يرغبُ المرء في أن تكونَ لديه كمية أقل من المادة الرمادية؟ تقول كَرْمُونا إن نقص المادة الرمادية لا يؤدي إلى قصورٍ في التفكير أو الذاكرة، بل قد يكون في الحقيقة نتيجةً لشيءٍ طيب؛ وهو الضبط الدقيق للوصلات بين الخلايا العصبية. وتوضِّح قائلة: «عندما يكون أمامَك طرق كثيرة للوصول إلى مكان ما، وهناك طريق هو الأقصر والأسرع، فإن الشيء الأنسب هو أن تُغلق الطرق الأخرى حتى لا تضل، وتسلك ذلك الطريق الأقصر والأسرع من النقطة أ إلى النقطة ب».
يُسَبِّبُ فيضُ الهرمونات نوعًا مشابهًا من ضبطِ الوصلاتِ في أمخاخ المراهقين، وقد تكون الهرمونات هي الفاعل الذي يُحدِث هذه التغيرات أيضًا، تلك التغيُّرات التي قد تستمر لمدة عامين على الأقل بعد الحمل. الدراسة منشورة في مجلة "نيتشر نيوروساينس"Nature Neuroscience. [E Elseline Hoekzema et al., Pregnancy leads to long-lasting changes in human brain structure].
ما تأثير كل ذلك؟ ربما يتمثل في تنشيط رابطة الأمومة، حين تتصارع بعض المشاعر السلبية تجاه المولود مع مشاعر السعادة الوفيرة بقدومه. ولكن كيف هو الأمر بالنسبة لكَرْمُونا وزميلتَيْها؟ لقد قرَّرْنَ عدم الانتظار حتى اكتمال الدراسة ليبدأْن في تكوين عائلاتهن. تقول كَرْمُونا: «قررنا أننا نريد أن نصبح أمهات، بغض النظر عما يمكن أن يحدث للمخ».