
كلنا نعرف العبارة المشهورة: العالم قرية صغيرة، واللى خلى عالمنا قرية صغيرة هو التطور المستمر في أجهزة الاتصالات ونقل المعلومات، واللى جعلت الأحداث تُنقل في طرفة عين من شرق الأرض لغربها، ومن جنوبها لشمالها.
علماء كتير جدًا اشتغلوا عبر سنوات طويلة على عمليات نقل المعلومات، زى الأصوات والصور والفيديوهات، حققوا إنجازات كتير واضح أثرها على الثورة الرهيبة اللى حصلت في مجال الاتصالات واللى كلنا بنجنى ثمارها في الحاضر، واحد من العلماء دول هو الفيزيائي "روبرت موير" اللى قدر يطور نوع من الألياف الضوئية قادر على حمل معلومات أكثر بـ65 ألف مرة من المعلومات اللى بتحملها وتنقلها الأسلاك النحاسية العادية.
ولد "موير" في 20 يوليو عام 1924، في مدينة صغيرة بولاية أركنساس الأمريكية، سنة 1943 جُند في الجيش وذهب للخطوط الأمامية أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي أحد المعارك أصيب ونقل للمستشفي وقعد فيها 20 شهر، ولما خف، سرحوه من الخدمة ورجع للحياة المدنية.
بدأ "موير" في دراسة الهندسة الكيميائية في جامعة أركنساس، وبعدها تحول لدراسة الفيزياء وحصل على دكتوراة فيها سنة 1951، كان مجال تخصه هو نقل الإشارات والمعلومات في الكابلات النحاسية، وبدأ يفكر يطور طريقة جديدة تعتمد على الألياف الضوئية لنقل المعلومات بصورة أسهل وأسرع وأقل كلفة، لأن تحميل المعلومات على أسلاك النحاس كان بيؤدي لتداخل في النبضات الكهربائية وتشويش بسبب المجال الكهرومغناطيسي الناجم عن سريان الشحنات داخل السلك النحاس.
الألياف الضوئية عبارة عن أسلاك رفيعة جدًا من الزجاج، بتمثل وسط لنقل الضوء المحمل بالمعلومات، سمكها لا يزيد عن سمك شعرة بشرية، وبتقدر تنقل المعلومات بسرعة مساوية لسرعة الضوء، وده اللى خلى "موير" يفكر في استخدامها لنقل الأصوات عبر المحيط، واستخدامها وتحميلها بالمكالمات والمعلومات عبر مدها بين المدن الكبيرة.
في الوقت ده، علماء كتير كانوا شغالين عن نفس الموضوع، إلا إن الفقد اللى كان بيحصل في الإشارات كان معطل عملية استخدام الألياف الضوئية لنقل المعلومات، لحد ما تمكن "موير" مع اثنين من اصدقائه من تصميم كبل من الألياف الضوئية له معدل فقد منخفض جدًا، يوصل لأقل من 20 ديسيبل لكل كيلومتر كامل من الألياف.
موير كان بيقول إن التغييرات، حتى الإيجابية منها، مخيف، وإن محاولات الوصول للأهداف من خلال وسائل راديكالية أو ثورية بتزيد من الخوف، وإن الحل في التغيير هو إحداثه بواسطة خطوات صغيرة محسوبة تعزز من عملية نزع الخوف، وتحفز التفكير العقلاني، وعشان كده، فضل "موير" يحاول على مدار 20 سنة كاملة أقناع الشركات والجمهور بضرورة استخدام الألياف الضوئية كبديل عن الكابلات النحاسية، ودلوقتي، وبعد مرور حوالي نصف قرن على ابتكاره، 90 % من كابلات الاتصال في الولايات المتحدة الأمريكية مصنوعة من الألياف الضوئية، وبيتم بيع حوالي 325 مليون كيلومتر منها كل سنة.