
سمع كثير منا مصطلح "غازات الدفيئة" وهي أنواع من الغازات موجودة في الغلاف الجوي لديها القدرة على امتصاص الأشعة تحت الحمراء التي تفقدها الأرض وبالتالي تحبس الحرارة وتمنعها من التشتت في الفضاء وتسبب ذلك في أن الأرض بدأت تعاني من ظاهرة الاحتباس الحراري.
لابد أن نعرف أن تلك الغازات موجودة في الطبيعة من الأساس لكن بكميات معينة المشكلة الحقيقية تبدأ حين تزداد تركيزات تلك الغازات في الجو بشكل مطرد فتبدأ تأثيراتها السلبية في الظهور. حين نتحدث عن غازات الدفيئة أول غاز يأتي على بالنا هو ثاني أكسيد الكربون والذي ينتج أساسا من احتراق الوقود وبدأت فعلا الجهود الدولية تركز على الحد من انبعاثات ثاني أكسد الكربون حتى جاء مهندس هندي اسمه فيرابدران راماناثان في عام 1975 وكشف عن شئ خطير. راماناثان قال أن إضافة جزئ واحد للغلاف الجوي من مركبات الكلوروفلوروكربون يماثل إضافة أكثر من 10 آلاف جزئ من ثاني أكيد الكربون. ومركبات الكلوروفلوروكربون هي مركبات عضوية تحتوي على كربون وكلور وفلور واسمها التجاري "فريون"، هذه المادة تستخدم في الأيروسولات وفي الثلاجات.
راماناثان مهندس هندي ولد في شهر نوفمبر عام 1944، بدأ اهتمامه بالأبحاث في سن الحادية عشر كان في ذلك الوقت قد نقل إقامته من مدينة مادوراي لمدينة بانجلور، المشكلة التي قابلته أن التعليم في بنجلور كان باللغة الانجليزية فلم يكن يفهم أي شئ فلم يكن يركز مع معلمين المدرسة وحاول أن يعتمد على نفسه بشكل أساسي حتى يكتسب المعارف.
درس راماناثان الهندسة في جامعة أنامالاي في بانجلور، عمل لسنتين في شركة لتصنيع المبردات لكنه لم يكن سعيدا وترك الشركة وأنضم للمعهد الهندي للعلوم. لكنه كان متطلعا للسفر إلى الولايات المتحدة حتى يكمل دراساته العليا ليس فقط لأن فرص البحث أفضل لكن لأن نوعية الحياة أفضل. كان يضحك مع أصدقاءه وبيقول أن وجوده في أمريكا سيوفر له فرصة أمتلاك سيارة كبيرة وسريعة.
حين بدأ راماناثان يدرس في جامعة ستوني بروك في نيويورك أدرك أن مسيرته الهندسية تتحول لتتجه نحو علوم الغلاف الجوي. انضم إلى مجموعة من العلماء في ناسا لانجلي في هامبتون وتعلم الكثير عن مركبات الكلوروفلوروكربون وثقب الأوزون وبدأ يقارن بين مركبات الكلوروفلوروكاربون وثاني أكسيد الكربون من حيث تأثيرها على الاحتباس الحراري وبالتالي على مناخ الأرض.
كان راماناثان في غاية الاندهاش حين أكتشف أن مركبات الكلوروفلوروكربون والتي تعتبر نادرة في الغلاف الجوي (جزء في المليار) من الممكن أن تكون قوة مؤثرة بشدة في ظاهرة الإحترار العالمي. ذلك الوقت، كان نقطة تحول في مستقبل راماناثان والذي قرر أن ينسي سيارة الأحلام السريعة ويركز في مجال الأبحاث الجديد الذي أختاره بعد أن صدمته قدرة التكنولوجيا والبشرية في التأثير على البيئة وتغييرها.
الحقيقة أن كشف راماناثان شجع الباحثين على اكتشاف غازات دفيئة إضافية مثل رابع كلوريد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز. كان مقتنعا أن اتجاهات الاحتباس الحراري المتوقعة سوف تظهر مبكرا أي خلال حياته وليس بعد قرن من الزمان كما توقعت حسابات العلماء السابقين. في عام 2001 ، أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي تتألف من أكثر من ألف عالم من جميع أنحاء العالم تقريرا يؤكد تنبؤات راماناثان في الثمانينيات والتي توقعت تفاقم أثار الأنشطة البشرية على درجات حرارة الأرض بشكل فاق كل التوقعات السابقة.